«أحوالنا» زينب إسماعيل تكتب: حلمنا بين الفستقة وقشرتها

زينب إسماعيل
زينب إسماعيل

عندما يكون حلمك بمصنع  صغيرللمعجنات ، تحقيقه لن يكون أقل من متجر كبيرللفطائر،  أما حين يكون حلمك  "بقرص خبز " ستحصل في النهاية علي كسرة خبز متواضعة !! ولاحظ معي أن الانجازات التاريخية  الكبيرة والتطور للأحسن تقف خلفها شخصيات عظيمة غرزت في اتباعها الحلم والإيمان وإمكانية الإنجازالكبير والدليل علي ذلك نبوءات المصطفي عليه الصلاة والسلام كيف كانت دافعا لأصحابه لتحقيقها وشكلت في مجملها الفتوحات العظيمة بعد وفاته.. فالعرب كانوا حتي موعد البعثة النبوية قبائل متفرقة وأحلام مبعثرة ولم يتصورا أبدا مقارعتهم لأقوي إمبراطوريتين في ذلك الزمان "الروم" و"الفرس "  ، غير أن إيماتهم برسالتهم وبفضل سلسلة من الأحاديث النبوية مثل قولة صلي الله عليه وسلم لأصحابه :"ان الله زوي لي الأرض ،فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن من أمتي سيبلغ ملكها ما زوي منها.. ” وقوله أيضا إذا هلك كسري فلا كسري بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله.."..  ما سبق هو مجرد دليل علي أهمية الحلم والإيمان بتحقيقه وهو بعض من سطور في كتاب "نظرية الفستق "  للمبدع - فهد عامر الأحمدي وهو كاتب سعودي- وقد جذبني العنوان من النظرة الأولي وسألت نفسي لماذا الفستق ولماذا لا يكون السوداني أو اللب ! وبعد دقائق ادركت أن للفستق وقشرته السميكة تشابه كبير بين الانسان ونفسه ! اي أن الانسان يمكن أن يكون فستقة في حد ذاته ولما لا ؟ فالانسان مزيج من  موروث ثقافي ونفسي لايتكرر  ومؤثرات لاتتشابه حتي بين التوائم ومع مرور الزمن نتحول جميعا الي حقائب لا تفتح إلا لمن يعرف كلمة السر ! ويشير الكاتب هنا الي أن المشكلة لا تكمن في تنوع شخصيات البشر بل في فشل كل انسان في اكتشاف نقاط تفرده واختلافه عن الآخرين وتأثير ذلك علي آرائنا التي هي محصلة لمؤثرات عميقة في "اللاوعي" ننساها بحكم الزمن ..  ويري الكاتب أن أول متطلبات الخروج بالرأي النزيه وتحقيق الحلم هو الخروج من قوقعة الماضي أو الفستقة التي نحبس انفسنا بداخلها  ، والإعتراف بأننا محصلة لظروف إجتماعية وثقافية ونفسية أعقد مما نتصور ! ويحذرالكاتب من أن يملك أحدنا ظنونا مسبقة وآراء شخصية تصادمية تتمحور حول الشك وسوء الظن  ، حيث أننا في هذه الحالة سوف نعمل بلا قصد علي أقلمة من حولنا  للتعامل معهم علي أساس تصادمي شكاك ويتجسد سوء الظن علي أرض الخلاف ، ويكتشف الجميع عدم وجود سبب حقيقي للخلاف ولكن بعد فوات الآوان وخراب مالطة! وعلي العكس تماما حين نمنح الآخر الثقة إعتمادا علي صدق الحدس البعيد عن الشك وسوء الظن والآراء التصادمية  وقتها تتشكل العلاقات الحسنة فيما بينك وبين الآخرين .  وفي النهاية يؤكد الكاتب أنه حين نعترف أن آرائنا المسبقة مسؤؤلة بشكل كبير عن مواقفنا مع الآخرين  سيكون همنا الأول ليس الدفاع عن آرائنا الخاصة بل التأكد من أننا نتهيأ لمرحلة (لماذا ) نفعل ذلك الي (كيف) نطور أنفسنا ونصبح افضل من ذلك  .